وعلى الرغمِ منَ الدلالاتِ السابقةِ على وحدانيَّةِ اللهِ وتفرُّدهِ بالخَلقِ والتدْبير، إلاّ أنَّ هناكَ صِنفاً منَ الناسِ أشرَكوا بالله، وعبَدوا معَهُ نُظَراءَ وأمثالاً، على هوَى أنفسِهمْ وما تُسَوِّلُ لهمُ الشياطين، في تقليدٍ جاهلٍ أو حُمْقٍ فاضِح، كعبادةِ أحْجارٍ وأشْجار، أو نجومٍ وكواكب، ويُدافِعونَ عنها ويُحاربونَ عليها، ويحبُّونَها كمَحبَّتِهمُ الله! وهوَ الواحدُ الأحد، الذي لم يتَّخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا مثيلَ لهُ ولا نَظير.
أمّا المؤمنون، فإنَّهمْ يَعبدونَ اللهَ على نُورٍ منْ ربِّهمْ وبُرهان، ويُحبُّونَهُ حُبًّا خالِصاً لا شائبةَ فيه، وهمْ أكثرُ حبًّا لهُ منْ حبِّهمْ أنفسَهمْ وما يملكون؛ لتَمامِ معرفتِهمْ به، وتوحيدِهمْ وتعظيمِهمْ له، ولجوئهمْ إليهِ وحُسنِ توكُّلِهمْ عليه.
ولو عاينَ المشركونَ ومَنْ تابعَهمْ ما أُعِدَّ لهمْ منَ العَذابِ يومَ القيامة، لعَلِموا أنَّ جميعَ الأشياءِ تحتَ قَهرهِ وسُلطانه، وأنَّ القوَّةَ والتصرُّفَ لهُ وحدَه، وأنَّ عذابَهُ شَديدٌ مؤلم، وإذاً لانتَهَوا عمّا همْ فيهِ مِنْ ضَلال.