وإذا بدأتمُ الحجَّ والعمرةَ فأتِمُّوا مناسِكَهُما، فإذا حُبِسْتُمْ ومُنِعتُمْ منَ الوصولِ إلى البيتِ الحرامِ ولم تتمكَّنوا منْ إتمامِ المناسِك، فبإمكانِكمُ التحلُّلُ منها بذَبحِ هَدْي، منْ إبِلٍ أو بقرٍ أو شياه.
والتحَـلُّلُ هو الخروجُ منَ الإحرامِ بالطريقِ الشرعيّ.
ولا تَحلِقوا رؤوسَكمْ -وهوَ علامةٌ على التحلُّلِ- حتَّى تَعلموا أنَّ الهَدْيَ المَبعوثَ إلى الحرمِ قدْ بلغَ المكانَ الذي يَحِلُّ فيهِ ذَبحُه. وهوَ للآمِنِ الحرَم، وللمُحصَرِ مَكانُ الإحصار. وفي المَسألَةِ اختِلافٌ وتَفصيل. قالَ القُرطُبيُّ في تَفسيرِه: جُمهورُ النَّاسِ على أنَّ المُحصَرَ بعَدوٍّ يُحِلُّ حَيثُ أُحصِر، ويَنحَرُ هَديَهُ إنْ كانَ ثَمَّ هَدْي، ويَحلِقُ رَأسَه. اهـ.
فمنْ كانَ مريضاً مَرضاً يُحْوِجهُ إلى الحَلق، أو بهِ أذًى مِنْ رأسه، كقَملٍ وجِراحة، فعَليهِ فِديةٌ إنْ حَلق: وهوَ أنْ يصومَ ثلاثةَ أيام، أو يَتصدَّقَ على ستَّةِ مساكين، أو يَذبحَ شاةً أو غيرَها ممّا ذُكِر، يَتصدَّقُ ويَذبَحُ في الحرَم.
فإذا تمكَّنتُمْ منْ أداءِ المناسك، فمنْ كانَ منكمْ مُتَمتِّعاً بالعُمرةٍ إلى الحجّ، أي اعتمرَ ثمَّ نوَى الحجّ، أو نَواهما معاً، أي قرنَ بينَهما، فعليهِ أنْ يَذبحَ ما قَدَرَ عليهِ منَ الهَدْي، وأقلُّهُ شاة، فإنْ لم يقدِرْ على ذلكَ فليصُمْ ثلاثةَ أيّامٍ في الحَجّ، وسبعةً إذا رجعَ إلى وطنِه، فهيَ عشرةُ أيّام.
وهذا التمتُّعُ للناسِ ما عدا أهلَ مكةَ والحرم، ويُلْحَقُ بهمْ مَنْ كانَ قريباً منَ الحرمِ على مسافةِ قَصرِ الصَّلاةِ عندَ الشافعيِّ رحمَهُ الله.
واخشَوا اللهَ ونفِّذوا ما يأمرُكمْ بهِ ويَنهاكمْ عنه، واللهُ يُعاقِبُ مَنْ خالفَهُ عُقوبةً شديدة.