– يَسألونكَ عنِ القِتالِ في الأشهرِ الحُرُم، وهي رَجبٌ وذو القَعْدةِ وذو الحِجَّةِ والمُحَرَّم، فقل: لا يَحِلُّ ذلك، بلْ هوَ أمرٌ جَلَلٌ وذَنبٌ كبير.
وإنَّ منعَ الناسِ عنِ الدِّينِ الحقّ، والكفرَ باللهِ العَظيم، وبالمسجدِ الحرام، عندما انتهكَ المشركونَ حُرمتَه، وآذَوا المسلمينَ مِنْ أهلِه، وفَتَنوهمْ في دينِهم، وعذَّبوهمْ ليَردُّوهمْ إلى الكفر، وأخرَجوهمْ منْ حَرَمِهم، هوَ أشدُّ وأعظمُ منَ القَتلِ في هذهِ الأشهر.
وهمْ مُقيمونَ على هذا المسلَكِ الخَبيث، فلا يَزالونَ يقاتلونَكمْ غيرَ تائبينَ ولا نازعينَ عنْ ذلك، حتَّى يُعيدوكمْ إلى ملَّةِ الكفرِ والضَّلال، إذا قَدِروا عليه.
ومَنْ يَرْجِعْ منكمْ عنْ دِينهِ ويَمُتْ على الكُفر، فقدْ فسدَ عملهُ كلُّه، وضيَّعَ ما كَسَبَهُ مِنْ حسَناتٍ في أثناءِ إسلامِه، ولم يَعُدْ يُفيدهُ إيمانهُ السَّابق، وسَيكونُ مِنْ أهلِ النار، الباقينَ فيها أبداً.
وقدِ اختلفَ العلماءُ في تَحريمِ القتالِ في الأشهرِ الحُرُم، هلْ هوَ باقٍ أمْ نُسِخ؟ وأشهرُ الأقوالِ على أنَّهُ منسوخ، بدلائلَ أخرَى، منها قولُهُ تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5]. والله أعلم.