والمطلَّقاتُ يَنتظرْنَ ثلاثَ حَيْضاتٍ، أو ثلاثةَ أطهار، بعد طَلاقِ أزواجِهنَّ لهنّ، ليَنتهيَ بذلكَ وقتُ عِدَّتهنَّ ويتزوَّجْنَ إنْ شِئنَ بعدها. ما عدا الحاملاتِ اللَّواتي تَنتهي عِدَّتُهنَّ بمجرَّدِ وضعِ ما في أرحامِهنَّ. أمّا اللَّواتي طُلِّقْنَ قبلَ الزواجِ بهنّ، والصغيراتُ اللَّواتي لم يَحِضْنَ بعدُ، ومنِ انقطعَ حيضُهنَّ لكِبَرِهنَّ، فعدِّتُهنَّ ثلاثةُ أشهر، وهوَ قريبٌ من عِدَّةِ العاديَّة. (وتفصيلُ الصغيرَةِ في الآيةِ الرابعةِ منْ سورةِ الطلاق).
ويَعني بثلاثةِ أطهار: أنهنَّ إذا دخلنَ في الدمِ منَ الحيضةِ الثالثةِ فقدِ انتهتْ عِدَّتُهنّ.
وبالحيضات: أنَّهُ لا ينقضي عدّتُهنَّ حتَّى يَطْهُرْنَ منَ الحيضةِ الثالثة.
ويَحرمُ عليهنَّ أنْ يَكتُمنَ أمرَ حَملِهنَّ أو حَيضِهنَّ إنْ كنَّ منَ المؤمناتِ حقًّا، وذلكَ لتطويلِ مُدَّةِ عدَّتهنَّ أو تقصيرِها. فيَكتُمنَ حَملَهُنَّ لئلاّ يُنْتظَرَ بطلاقِهنَّ أنْ يَضعن، فإنَّ عِدَّةَ الحاملِ هوَ أنْ تضعَ حملَها. وإذا طلبَ أزواجُهنَّ مراجعتَهنَّ كذَبْنَ وقُلْن: إنهنَّ حِضْنَ الثالثة، ليَقطَعْنَ بذلكَ مراجعتَهُنَّ لهنَّ. أو يَقلْنَ: إنَّهنَّ لم يَحِضْنَ وقد حِضْنَ، ليَلْزَمْنَهمْ ما لا يَلزمُ منَ النفَقة.
فواجِبٌ عليهِنَّ أنْ يَقُلْنَ الحقَّ ولا يَخدَعْن، لِما يَترتَّبُ على ذلكَ منْ أمور، كحقِّ الزوجِ في الرَّجعةِ والوَلد.
وأزواجُهُنَّ الذينَ طلَّقوهنَّ أحقُّ بإعادَتِهنَّ إلى بيتِ الزَّوجيةِ ما دُمْنَ في عِدَّتِهنّ، إذا كانَ مرادَهمْ الإصلاحُ والخير، لا الإضرارُ والظلم. وهذا بالنسبةِ للمرتَجَعةِ التي لم يُبَتَّ في طلاقها، يعني أنَّها طُلِّقتْ مرَّتينِ فقط، فيجوزُ إرجاعُها، كما يأتي في الآيةِ التالية.
وللنِّساءِ حقٌّ على الرِّجالِ مثلما أنَّ لهمْ عليهنّ، فليؤدِّ كلٌّ ما وجبَ عليهِ مِنْ حقّ.
وللرجالِ على النِّساءِ درَجة، هي درَجةُ القَوَامة، فالرجلُ بمَنـزلةِ الأميرِ في الأسرَة، الذي يُطاعُ بالحقِّ والمعروف، وهوَ أحقُّ بذلك، لما مُنِحَ منْ صفاتِ الرجولةِ والقوَّة، والإنفاقِ على الزوجةِ والقيامِ بمصالِحها، وغَيرِ ذلك مما يُرَى منْ فارقٍ بين الرجلِ والمرأة.
واللهُ قادِرٌ على الانتقامِ ممَّن عصاهُ وخالفَه، حكيمٌ فيما شرَعَهُ وقدَّرَهُ منْ أحكامٍ ومَصالح.