لا يُجْبَرُ أحدٌ على الدخُولِ في الإسْلام، ولا لزومَ لهذا الإكراهِ ولا فائدةَ منه، فإنَّ الإسلامَ نَهجٌ واضحٌ بيِّنٌ يُخاطِبُ عقلَ الإنسانِ وقُوَاهُ وطاقاتهِ كلَّها، وهوَ دينُ الفطرةِ والبَداهةِ والإقناع، وليسَ دينَ الغُموضِ والقَهْرِ والإكراهِ، ولا يُفيدُ الإسلامَ وأهلَهُ رجلٌ أبدى اعتناقَهُ للإسلامِ وهوَ غيرُ مقتنعٍ به، بلْ هذهِ صفةُ المنافقينَ الذينَ ذمَّهمُ اللهُ تعالى في كتابهِ ورفضَ قَبولَ إسلامِهم، وهمْ بهذا يكونونَ عالةً على المجتمعِ الإسلامي، ومَرَضاً يَسري في جسمِه.
وفي كلِّ الأحوالِ لا يُقْبَلُ من المرءِ إلاّ إيمانٌ عنْ طَواعية، كما لا يُقْبَلُ منهُ عَمَلٌ إلا عنْ رضىً واقتِناع.
وقدْ وضَحَ الفرقُ بين الإيمانِ والكُفر، بينَ طَريقِ الحقِّ وطَريقِ الضَّلال، وأودعَ اللهُ في الإنسانِ ما يُدرِكُ بهِ ذلك، فمَنْ تجنَّبَ الأصْنام، وتركَ ما يدعو إليهِ الشيطانُ مِنْ عبادةِ غيرِ الله، ولم يَتجاوزِ الحدودَ التي حدَّها اللهُ للعباد، وآمنَ باللهِ وحدَه، واستمَدَّ مِنْ كتابهِ طريقَ العِبادةِ والعَمل، فقدْ تمسَّكَ منَ الدِّينِ بأقوَى سبَب، وقبضَ على عُقْدَةٍ قويَّةٍ متمكِّنةٍ لا تَنفَصِم، وحَبلٍ مَتينٍ لا يَنقطِع، وثبتَ على الطريقِ الصحيح، واستقامَ على النهجِ المُبين.
واللهُ يَسمعُ ما تَلهَجُ بهِ الألسِنة، عليمٌ بما تُكِنُّهُ القلوبُ مِنْ نيّاتٍ وعَقائد.