أوَلمْ يَسِيروا في الأرْضِ ليَنظُروا في آثارِ المُكَذِّبينَ مِنْ قَبلِهم، ويَسألوا العُلماءَ عنْ قِصَصِهم، ويَقرَؤوا في الكتُبِ عنْ مَآلِهم، ويَعتَبِروا مِنْ عاقِبَةِ أمرِهمْ وهَلاكِهم؟ فقدْ كانوا أقوَى منهمْ أبدانًا، وحرَثوا الأرضَ للزراعَةِ وقَلَّبوا تُرابَها لاستِخراجِ ما فيها مِنْ مَاءٍ ومَعدِنٍ وغَيرِه، واستَغَلُّوها وعمَروها بالغَرسِ والصِّناعاتِ والعِمارات، أكثرَ ممَّا عمَرها مُشرِكو مَكَّة.
وقدْ جاءَتْهمْ رسُلُهمْ مُبَشِّرينَ ومُنذِرين، ومُؤيَّدينَ بمُعجِزاتٍ مِنْ عندِ رَبِّهم، فكذَّبوهمْ وعانَدوهم، وجحَدوا برسَالاتِ رَبِّهم، فأهلَكناهُم، وما ظَلمَهمُ اللهُ بمُعاقَبتِهم، بلْ كانَ ذلكَ جَزاءَ فسادِهمْ وجَرائمِهمْ ومَعاصيهم، وعِنادِهمْ واستِكبارِهم، فهمُ الذينَ ظَلموا أنفُسَهمْ بذلك.