أيُّها المؤمِنون، لا تَثِقوا بالكافِرينَ والمنافقينَ وأهلِ الكتاب، ولا تَتَّخذوا منهمْ أصدقاءَ تَستَشيرونَهمْ وتَجعلونَهمْ موضعَ ثِقَتِكم، ولا تُسرُّوا إليهمْ بشَيءٍ منْ أسرارِكم، فإنَّهمْ ليسُوا منكم، بلْ يَسْعَونَ إلى مُخالفتِكمْ ومَضرَّتِكمْ بكلِّ ما يَملِكونَ منْ جُهْدٍ ومَكرٍ وخَديعة، ويُحبُّونَ أنْ يُحرِجوكمْ ويوقِعوكمْ في المشُكلاتِ ليؤذوكمْ ويَنتقِموا منكم، هذا ظاهِرُ ما يُخَطِّطونَ له، وما تَفوهُ بهِ ألسنتُهمْ مِنْ حِقْدٍ وبُغض، والذي تُخفيهِ صُدورُهمْ مِنْ كُرهٍ وعَداوةٍ أكثرُ ممّا يُظهِرونَه، وفي هذا البيانِ دلائلُ كافيَةٌ لكمْ إذا أدركتُموهُ بعقُولِكم(22)؛ لئلاّ تَتَّخذوا منهمْ أصدقاء، ولا تُوادُّوهم، ولا تَفتَحوا لهمْ قلوبَكم.
وقدْ نزلتِ الآيةُ في رِجالٍ منَ المسلمينَ كانوا يواصِلونَ رِجالاً منَ اليهود، لِما كانَ بينهمْ منَ الجِوارِ والحِلْفِ في الجاهليَّة، فنُهوا عنْ مباطنَتِهمْ خوفَ الفِتنةِ عليهمْ منهم.